الطبعة الاولى 1431 هـ
مؤلف يتناول جانباً هاماً من التراث الانساني والاجتماعي لمدينة جدة من خلال الافراد التفصيلي لمهنة البناء التقليدي كفن أصيل وكوظيفة اجتماعية تراعي الخصوصية والظروف البيئية والطبيعية.
واهتم الكتاب برصد ملامح هذا الفن وطرق وأساليب البناء التقليدي وجميع المواد المستخدمة فيه والتي تعتمد على موارد البيئة الطبيعية ورصد جميع مكونات المهنة والأساليب والطرق المتبعة وكذلك أشهر أرباب المهنة والمصطلحات التقليدية التي ارتبطت بها والبحث ورصد حالة الارتباط بالمهن الأخرى ذات الصلة والاهتمام بمهنة البناء التقليدي وصناعاته المختلفة كالنجارة واللياسة والنور وصنعة الأحجار.
واعتمد الكتاب على الالتقاء بالمصادر الشفهية الحية من البنائين ورواد المهنة وأربابها لرصد وتدوين جميع ما يرتبط بمكونات البيئة المهنية والمراحل الفنية في عملية للبناء التقليدي وتسجيل القصص والحكايات التي كانت تعرف قديماً وارتبطت بمهنة البناء التقليدي القديم.
كما رصد الكتاب بالتدوين والتفصيل جميع المفردات المهنية المرتبطة بمهنة البناء التقليدي وتقديم الشروحات التفصيلية الخاصة سواء المرتبط بالبناء أو بالمهن ذات الارتباط بصناعة البناء كالنجارة والطلاء (النوارة).
وقد استغرق المؤلف نحو ثلاثة سنوات في تجميع ورصد المعلومات والالتقاء أشهر أرباب المهنة مابين العام 1417 وحتى العام 1420 هـ وبذلك يحتل الكتاب اهميته من وجود شواهد تاريخية غيبها قطار الموت واستطاع المؤلف بتوفيق الله تعالى تسجيل وتدوين الكثير من الملامح الهامة والعناصر الرئيسية والمواد والأدوات المستخدمة من مصادرها الأصلية موثقاً بالصور التي جمعت المؤلف بالمعلمين المشهورين آن ذلك
كما قدم الكتاب وصفاً تحليلياً ودقيقاً لحالة التحول الذي شهدها المجتمع الجداوي من البناء باستخدام الأحجار المنقبية التي كانت تكسوا جميع المباني التقليدية في جدة قديماً حيث كان البناء يعتمد بصفة رئيسية على الحجر وما شهدته المدينة فيما بعد من اتجاه نحو الحداثة والتطور باستخدام الإسمنت وطرق البناء الحديث وظهور المهندسين المعمارين بالطرق الحديثة التي تعتمد على خرائط البناء الإنشائية ومقننات البناء العلمية الحديثة باستخدام الخرائط والأسمنت وقواعد البناء والخرسانة المسلحة وقوائم الحديد الصلب الداعم لأعمدة وقواعد البناء وغير ذلك من أنظمة وطرق البناء الحديث.
وقد ساد في المدينة صراعاً محموماً كاد أن يقضي على صناعة البناء لفترة تزيد عن عشرين عاماً ووقع الناس خلالها في حيرة مضللة ومخيبة ومشتتة لاتجاهاتهم بين ما يعتمد عليه معلم البناء التقليدي باستخدام الأحجار والوسائل القديمة وبين ما يطرحه رواد علم الهندسة المعمارية من خرائط هندسية ومواد حديثة مثل الاسمنت وقوالب البناء المصنعية والجاهزة.
وقد قل الاهتمام مع مرور الأيام على معلمي البناء القديم واتجه الناس للاقتناع بمادة الإسمنت الجديدة ولم يعد للأحجار التي كانت المادة الرئيسية للبناء أي وجود يذكر في غير عمليات الترميم للبيوت التاريخية القديمة من جانب ومن جانب آخر لتلبية رغبات قلة من المهتمين وعشاق التراث ممن استلهموا ماضي المدينة ليكون حاضراً في واجهة تزدان بها بيوتهم وذلك بتغطية واجهاتها بالأحجار المنقبية بدلاً من الطلاء الإسمنتي الرخام والطلاءات الملونة والزجاج وخلافها من أشكال البناء الحديثة .
وقد تناول الكتاب بداية ظهور البناء الحديث بإنشاء أول بيت اسمنتي في المدينة ايذانا ببزوغ منافسة جديدة من نوعها في سماء المدينة حيث لم يكن من السهل على الناس وكذا أرباب مهنة البناء التقليدي السماح لفكرة كهذه بالنفاذ لميدان المنافسة دونما حرب طاحنة ضروس من المنافسة الشرسة تعطي صورتها الحقيقية إلى يومنا هذا مشهد البيوت في المدينة القديمة والتي يكسوا سوادها الأعظم واجهات من الحجر المنقبي الأصيل والذي يبرهن على قوة ومتانة الحجر وتناسبه مع أجواء المدينة ومناخها كونه من مخرجات بيئتها الطبيعية وغير مستورد من بيئات أخرى وليس من منتجات الصناعة الحديثة ..