كناسة العطار

الكاتب: اعداد. زكيه القرشي
المصدر: صحيفة نشر الالكترونية

كان العطار له شأن كبير في جدة القديمة فهو بحق (الطبيب العطار) والطب الشعبي له تاريخ ومسيرة طويلة في جدة القديمة. كانت جميع الأمراض تداوى بإذن الله تعالى عند العطار فهو الشخص المشخص للمرض وهو الذي يقوم بتركيب أو تجميع مئات الأعشاب للتداوي بها من الرأس الى القدم. ومحلات العطارة في الماضي تمثل العيادات المتخصصة في زمن الإمكانيات البسيطة والحياة الشعبية التي لم يكن للناس فيها سوآ الاتجاه إلى الشيخ العطار عند الشكوى من أي الم أو وجع عارض ليضع العطار وصفته الشعبية لها.
ويخضع مريضة للعلاج ويستمع الى نصائحه وارشاداته والتي كانت محل الاهتمام والتقدير والاستماع.

وقد عاش الشيخ العطار عقود طويلة مليئة بالنجاح وهو في قمة عطائه. ويعمل الشيخ العطار في تجميع الأعشاب تحت يده ويقوم هو بفصلها ويصنفها لتناسب كل حالة مرضية بطريقته الشعبية المتعارف عليها في عيادة العطارين

وقد أخذ أكثر شهرت في جدة القديمة (الشلبي للعطارة) وكان صاحبها الشيخ أحمد قمصاني والمعروف الى يومنا هذا في سوق العلوي وتتوسطه مجموعة كبيرة من العطارين.

اما المحل الثاني الذي اشتهر بالعطارة فهو محل سعيد باديب بجانب مسجد عكاشة. وكانت العيادة الثالثة للعطار حامد ابو الحمائل بسوق الندى. والرابعة للعطارة محمد فتح الله في باب شريف

.. وأقدم العطارين هو محي الدين مليباري بسوق النورية بداْ عام 1290 هجري. وكان محلة بمثابة مخزن متكامل لتجارة العطارة بالجملة. وقد دخلا عبد القادر نور ولى في تجارة الأعشاب واستيرادها من الخارج

ويحتل المركز السادس في العطارة من حيث التواريخ هو سعيد باقبص بسوق العلوي والذي يديره الأن العم سالم باقبص.
وقد اخذ هذه المهنة وراثة عن والده رحمه الله. وأيضا العطار حسن لمبة بسوق الندى والعطار محمد داود الهندي والعطار حسام الدين. وغيرهم كثير تغيب عني مسمياتهم

كان الشيخ العطار يستخدم مراجع علميه وهامة في الاستفادة بها عند مواجهته للحالات المرضية والوقوف ضد الأمراض المعدية والتي يخاف من انتشارها وتفشيها بين ابناء جدة القديمة. وكذلك سفر بعض العطارين الى دول كانت معروفة بالعطارة كسوريا ومصر والهند وحلب لجلب أندر الأعشاب التي لا تتوفر لعلاج الأمراض الخطيرة او المزمنة والاستفادة من تجارب العطارين المعروفين في تلك الدول. كانت بومبي هي أكبر سوق للعطارة يستمد عطارة جدة القديمة أعشابهم منها وكان هناك اثنان من وكلاء العطار وهما محمد عمر جمبهاي وغلام رسول

تبدأ عيادات الشيخ العطار العمل في دكانه بعد صلاة الفجر مباشرة ليستمر العمل بها الى صلاة العشاء بمعدل خمسة عشر ساعة يوميا ... اما إذا تطلب الأمر من العطار الانتقال الى موقع المريض في منزله يقوم بواجبة ويترك مساعدة في المحل.

الحقيقة ان الشيخ العطار قبل كل شيء كان إيمانه وامله معلق بالله سبحانه وتعالى في الشفاء ولا ينظر الى الناحية المادية والكسب التجاري. فتجد لسانه يلهج على الدوام بذكر الله. وتلاوة بعض أبات الشفاء. بل ويعطي المريض الثقة بربة وان الأمر بيد الله تعالى قبل العلاج.

كان الشيخ العطار هو ومساعدة اثنا العمل عند وضع الأعشاب في القرطاس تسقط بعض الأعشاب على الأرض. وكان في اخر النهار يقوم بكنسها ووضعها في تنكة فتسمي (كناسة العطار). وكان بعض الناس يبحث عن هذه الكناسة ويشتريها ويستخدمها لأغراض عديدة.

وقد قدم الأستاذ عبد العزيز عمر ابوزيد كتاب (حكايات العطارين في جدة القديمة) يحكي فيه جميع انواع الأعشاب الطبية وحكايته مع العطارين ويعتبر من الكتب التاريخية الرائعة لعطارين جدة القديمة

مع الأسف كما ضاعت مباني جدة القديمة وكثيرا من تراثها ضاع شيخ العطارين. فأصبح جميع محلات العطارة بسوق العلوي فقط لبيع الأبازير والبهارات وبعض الأعشاب واختلط الحابل بالنابل ودخلة فيها عمالة وافدة فقط هدفها الكسب المادي 
عدنان الهجاري الشريف

Back